في صبيحة 13 مايو 2025، حطت طائرة الرئاسة الأمريكية بمطار الملك خالد الدولي بالرياض، في زيارة ضمن جولة خليجية لدونالد ترامب تبدأ من المملكة، تحولت منذ لحظة وصوله حتى مغادرته، إلى منصة متكاملة لتفعيل المشاركة المجتمعية، حيث تم توظيف كافة أدوات الاتصال التشاركي، من الصورة والرمز إلى الإعلام والتواصل الرقمي، لصياغة مشهد وطني متناغم مع روح رؤية السعودية 2030.
فمنذ استقبال الرئيس الأمريكي، كانت الصورة أول أداة لإشراك المواطن في الحدث، بداية من مرافقة طائرات F-15 للطائرة الرئاسية، وظهور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بالزي الوطني التقليدي تارة، وبالبدلة الرسمية تارة أخرى، كرسالة بصرية عميقة تؤكد القوة والانتماء وثنائية الأصالة والحداثة التي يتبناها المجتمع السعودي.
وصولًا إلى لقطة القهوة السعودية، التي قُدمت لترامب بطريقة رمزية، تحولت إلى أيقونة على منصات التواصل، مُعبرة عن الفخر بالهوية والكرم الثقافي، إضافة إلى احترام الضيوف للبروتوكول السعودي عبر اللباس المحتشم الذي عزّز من رمزية الاحترام المتبادل والانفتاح الحضاري.
ولم يقتصر الحدث على الرمزية، بل امتد إلى تمكين المواطن من المتابعة اللحظية للمضامين الاستراتيجية للزيارة، فكان البث المباشر للحظات الوصول والاستقبال والانتقال والمؤتمرات الصحفية والمنتديات الاقتصادية، خاصة منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي، ما أتاح للمواطن أن يكون “شاهدًا مباشرًا”، لا متلقيًا متأخرًا.
لعبت وسائل الإعلام المحلية، دورًا مفصليًا في تحويل الحدث إلى رواية وطنية جامعة، فلم تكتفِ بنقل الوقائع، بل سلطت الضوء على نتائج الزيارة في سياق رؤية 2030، وبثت تقارير سلطت الضوء على أبعاد الزيارة المتعلقة بالتنمية المجتمعية، والمردود الاقتصادي للمواطن، مما ربط الحدث بمصالح الفرد وساهم في تعميق التفاعل معه.
كانت وسائل التواصل الاجتماعي كمنصة X وغيرها بمثابة ساحة تفاعلية مفتوحة لمشاركة الجميع في هذا الحدث، فتصدرت الوسوم المتعلقة بالحدث مثل #ترامب_في_الرياض التفاعل المحلي والدولي، واستخدمه المواطنون لنشر صور الحدث، تحليلاتهم الشخصية، واستحضار محطات سابقة من العلاقة السعودية الأمريكية – مثل تأسيس أرامكو – في سرد قصص تربط الماضي بالحاضر، وبهذا انتقل المواطن من دور “المتلقي” إلى “الراوي المشارك”، مستعرضًا منجزات الوطن من زاوية ذاتية وشعبية، ومكرّسًا بذلك نموذج المشاركة المجتمعية الرقمية كأداة لصناعة السردية الوطنية.
لقد مثلت زيارة ترامب نموذجًا تطبيقيًا لكيفية تفعيل المشاركة المجتمعية بداية من الرمز البصري في الاستقبال، إلى تمكين المواطن معرفيًا عبر البث والتغطية، وصولًا إلى التفاعل الشعبي الذي تولى صياغة الرواية الوطنية.
هذا التوظيف المتقن لأدوات الاتصال في هذا الحدث يعكس روح رؤية 2030 التي تسعى إلى تحويل المواطن من متلق إلى صانع سياسات وشريك في تشكيل الحاضر وصياغة المستقبل.
د. يوسف الهاجري
@aboaadl2030
عضو جمعية إعلاميون