مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

سقوط الأقنعة وظهور الحقيقة!

03/04/2025

في حياة الإنسان، قد تمر بنا لحظات نظن فيها أننا نعرف من حولنا حق المعرفة، فنمنحه الثقة، ونبني العلاقات، ونظن أن الوجوه التي أمامنا صادقة نقية. لكن الزمن كفيل بأن يكشف الأقنعة ويظهر الوجوه على حقيقتها.
في هذه اللحظة تتعجب من سقوط من كنت تظنهم أهل وفاء، وتندهش من صدق من لم تتوقع منهم الخير. تلك هي سنة الحياة، حيث يُمتحن الإنسان، وتنكشف الوجوه لتظهر النفوس كما هي.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قول الله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ ۚ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 30].

ويبقى السؤال المتكرر الذي نواجهه جميعاً؛ لماذا يخفي البعض حقيقتهم؟
هناك من يتعمد إخفاء نواياه وأفكاره خوفًا من فقدان مصلحة، أو رغبة في التلاعب بالآخرين، أو لضعف داخلي يجعله يتوارى خلف قناع زائف. وقد يكون السبب هو الخوف من المواجهة أو محاولة كسب ثقة الناس بالكذب والتلون.
لكن الحقيقة أن القناع لا يدوم طويلاً، فلا يمكن للإنسان أن يستمر في إخفاء حقيقته إلى الأبد، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.” (رواه مسلم).

# لحظات سقوط الأقنعة:
• عند الشدائد: المواقف الصعبة هي المحكّ الحقيقي، ففي الأزمات يتضح الصديق من العدو، والمخلص من الخائن.
• عند تعارض المصالح: حين تتعارض المصالح، يسقط قناع المجاملة، وتنكشف النفوس على حقيقتها.
• عند الامتحان الأخلاقي: كالمواقف التي تتطلب الأمانة والصدق، فتظهر معادن الناس الحقيقية.
وقد قيل في الحكمة: “عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان.”

# آثار انكشاف الوجوه:
• ألم الخذلان: أصعب المشاعر هي أن تُخدع في من كنت تظنه صادقًا ومخلصًا.
• النضج والخبرة: مع مرور التجارب، يتعلم الإنسان أن يكون أكثر وعيًا، فلا يمنح الثقة بسهولة.
• قوة البصيرة: يبدأ الإنسان في فهم الناس بشكل أعمق، ويرى خلف الأقوال الأفعال.
قال الله تعالى:
{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: 21].

# التعامل مع من انكشف الحقيقة؟
• الصبر والاحتساب: فالأذى من البشر من طبيعة الحياة، ويجب أن نصبر ونحتسب الأجر عند الله.
• التعلم وعدم تكرار الخطأ: على الإنسان أن يستفيد من تجاربه وألّا يكرر الأخطاء ذاتها.
• عدم الوقوع في الانتقام: بل الأفضل هو التسامح والابتعاد، قال تعالى:
{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصلت: 34].

# دروس وعبر:
• الثقة لا تُمنح بسهولة: فليست كل يد ممدودة تستحق الإمساك بها.
• الحذر من المخادعين: لا بد من الحذر ممن يظهرون عكس ما يخفون.
• الاعتماد على الله: فالله هو الملجأ الحقيقي، ومن توكل عليه كفاه.

# خاتمة:
في النهاية، انكشاف الوجوه ليس شرًا مطلقًا، بل نعمة تخبرنا بمن يستحق أن يكون قريبًا منا، ومن لا يستحق. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
“ما وجدت للمؤمن مثل الصدق، وما وجدت للمنافق مثل الخداع.”
فليكن لنا في كل تجربة درس، وفي كل خذلان عبرة، حتى لا تُخدع قلوبنا مجددًا. وليبقى أملنا بالله، فهو وحده من يعلم خفايا النفوس.

 

 

أ. هياء ال مرعي
@c3w125
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop