إن القلب ليتألم، وإن العين لتدمع، وإن الحروف لتعجز عن وصف ألم الفقد حين يكون الفقيد هو الأخ الغالي، رفيق الدرب، وسند الحياة. رحلت يا أخي الغالي، لكنك لم ترحل من قلوبنا، بل زرعت فيها ذكرى عطرة، ومواعظ حيّة، وسيرة لا تُنسى.
يا صاحب القلب النابض بالخير، يا من كنت تتنفس حبًا للناس، وتمنحهم من وقتك وقلبك وابتسامتك، لم تكن شخصًا عابرًا في الحياة، بل كنت شعلة مضيئة، كل من عرفك أحبك، وكل من رافقك تعلّم منك، وكل من عمل معك شهد لك بالإخلاص والنُبل.
رحلت وفي رحيلك دروس، تعلمنا منها أن لا قيمة للحياة دون محبة خالصة وتواصل صادق وفعلٍ مستمر للخير. علمتنا أن الأثر الجميل لا يُصنع بالكلمات، بل بالأفعال التي تبقى حاضرة حتى بعد الغياب.
كنت رفيق مسيرتي، وعضدي في طريق العلم والعمل. كم وقفت إلى جانبي، وكم من مرة كنت الداعم والموجه، تهمس بنصحك الصادق، وتضيء بعينك طريقًا ربما أجهله. وكم شهدناك تُخلص في عملك حتى في إجازاتك، تعقد الاجتماعات، تتابع الأمور، وتمنح من وقتك بلا كلل. كنت تجسيدًا للكفاءة الوطنية، الإنسان الذي يعمل بقلبه، ويعطي بروحه، ويترك بصمة أينما حلّ.
ورحلت في أيام فضيلة، في أيام يُحبها الله، وأنت تؤدي مهمة وطنية، تراجع فيها حفظك للقرآن وتعيش مع آياته في طريقك. ما أعظمها من خاتمة، وما أصدقها من رسالة، لمن بقي بعدك.
جمعتنا في حياتك على الخير، وفي مماتك اجتمعنا على دعائك، وذكرك، ومواساة بعضنا بما تركته فينا من أثر. كنت بارًا بوالديك، رحيمًا بإخوتك، حنونًا على أسرتك، قريبًا من جيرانك، وفيًّا لأصدقائك، لا تُرى إلا فاعلًا للخير، ولا تُذكر إلا بكل طيب.
رحمك الله يا أبا محمد-طالب القبلان، يا عنوان الخير، ويا أنقى من عرفت الروح. أسأل الله أن يسكنك الفردوس الأعلى من الجنة، وأن يجمعنا بك، وبأمي وأبي، في مستقر رحمته، حيث لا فراق بعده ولا حزن.
نم قرير العين، فقد أديت، وأعطيت، وعلّمت، ورحلت كما يرحل الطيبون، تاركًا خلفك دعوات لا تنقطع، وقلوبًا لن تنساك ما دام فيها نبض.
أ. حصة القبلان
@h66227662
عضو جمعية إعلاميون