((زاره في مقر عمله على حسب الميعاد، أدخله على مديره المباشر، تم قبول طلبه، باشر عمله وتغيب في اليوم التالي)).
تبدو ھذه القصة القصيرة “جداً”، للأستاذ محمد المبارك،تحمل بين طياتها، مفارقة واضحة ومدلولا عميقا اعتاد الناس عليه في أزمنة الواسطة والمحسوبية.
يقال أن الموارد البشرية تعزز الالتزام بالقوانين، كما تساهم في جذب وتطوير المواهب وتحسين التواصل الداخلي، مما يعزز التعاون والإنتاجية داخل كيان العمل، ھذا الرجل ضرب كل ذلك بعرض الحائط.
وبما إنني خبيرة نوعا ما، بھذا التخصص الدقيق، يحق لي تفنيد بعض الأقوال وتبرير بعض تلك الأفعال من باب السخرية فقط.
ذلك الرجل أقول له “لما العجلة إن لم تستطع أن تحضر غدا، فأتي بعد غدًا، إلا إذ كان الطريق إلى العمل طويلا، وخاليا بشكلٍ مُفاجئ، سننتظرك على أي حال في اليوم الذي يلي بعد بعد غدٍ.
قال “لا ترضَ بأن تكون عادياً في كل شيء، بل كن متميزاً في شيء ما”، ما رأيك في الغياب ثلاثة أيام!.
من المعلوم بالضرورة “إن المتخصصين في الموارد البشرية هم متعلمون يبحثون عن طرق جديدة لحل المشكلات القديمة، ومتمكنون من جعل الآخرين أفضل، ومبدعون للغاية في مساعدة جميع أصحاب المصلحة على الفوز، عدا أولئك الذين لديهم واسطة تشفع لهم عند تكرر الغياب.
قالت أنا متأكدة من أن “الشركات لا تخدم الناس، بل الموظفون هم من يخدمون الناس، الشركات لا تصنع المنتجات، بل الناس هم من يصنعونها” ثم يتغيبون دائما لشرائها، لاسيما عندما يكون ھنالك عروض عليھا، فإن لم يكن، سينتظرون بالبيت.
التقدير الذي تلقيته أخيراً، لم يكن بالنسبة لي مجرد مكافأة استحقها، بل كان أمر بالغ الأهمية دفعني للغياب في اليوم التالي للاحتفال مع نفسي، فأنا أستحق المزيد، خذِ ما شئتِ عزيزتي.
انعدام الشغف في العمل، وقلة الانتماء والتدريب، وانخفاض مستوي المشاركة، يؤهلني دوما على التجاسر، والإقدام على بالغياب، صدقتِ.
المفهوم القائل بأن مكان العمل هو مكان “إنساني” للغاية، وان الوظائف حيوية لمجتمعنا وقيمتنا كبشر، مفھوم صحيح تماما، وأتفق معه لدرجة أنني سأضطرللتغيب غدًا، للتأكيد على ذلك.
د. جواهر الروقي
@joj_alrogi
عضو جمعية إعلاميون