مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

لا تمت وحيداً!

أيها الغريق وحدك تحت جِلد العالم السميك.
أيها المنسي، هناك في صمتِ، بلا مجد بلا ولد بلا تاريخ؛ تقاوم وحدك حرق نفسك. أيها المرمدة عيناه بتجارب الفاشلين في الحب، لا تمت وحيداً، فليس لدينا ذاكرة بحجم آلامك، تكفي أن يذكرك المستعجلون هاهنا.
الزواج ليس للفاشلين أو المغدورين كما تظن، فأرجوك….لا تمت وحيداً بلا ذاكرة، بلا شاهد على دموعك وبسماتك وأرقك الطويل، فالعالم يذكر فقط أولائك الذين وثقوا لحظاتهم في ذاكرة شخص ما، ونصبوهم شهودًا على أيامهم، المرة قبل الحلوة، كما أن العزوبية ليست وساماً أو تأميناً على القلوب من الكسرة والحسرة والغدرة وفقد الحبيب.
أيها النقي المغلول قلبه بوعود السعادة، أرجوك لا تنم وحيدًا، فلن يقبلوا باسمك في قائمة الأبطال والقديسين، فقط كونك مُطهراً من آثام االمتزوجين أو مواجع المطلقين، ولا حتى تشوهات الطفولات القلقة المسروقة وأشباح رؤى مستقبل مُتخيل، فإن كنت تسعى إلى النقاء والبراءة ، فمحكمة الحياة لا تعطي البراءة على التجارب التي لم تُعاش، . لا تجُع وحيدا، فكسرة الخبز لا تذكر الوحيدين.
هل عليك أن تحرس قصص الفاشلين وتبقى بلا ملجأ ولا وجهة، خوفاً من فشل لم يأتي وربما لن يأتي أبداً؟
ماذا عن ذلك الولد المحبوس هناك في العماء، ينتظر فرصته من العالم والنور، ينتظر إسمك وحبك!.
ماذا عن شريكك المحتمل الذي قررت أن تحرمه من التمتع بحبك وجمال قلبك وسعة عقلك ومحاسن خُلقك!.
ماذا عن الجياع الذين يصرخون بين جنبيك، حذار من الهروب من أحلام الجائعين فيك، لا سماء لهم سوى عقل ساخط خائف من أن يفشل فشلاً جديداً، جوع قلبك الصغير لحب كبير، جوع جلدك الرقيق لبيت دافئ، جوع عينيك التائهتين لوطن تختبئ فيه مواجعها، وكل جائع منهم يجلس على الجمر وحده، يُشعل جلده الكريم كي تشعر ببعض الدفء الكاذب خوفاً من وحشك الغبي!.
أيخيفك أن ينتهي بك الحال في نادي المطلقين، أو المَخُونين (تمت خيانتهم)، أين المشكلة، أليست المعاناة والألم جزء من معنى الحياة التي عليك أن تعيشها؟ أليس الله من يعطي الأرزاق؛ والسعادة والوفاء وطول العشرة، رزق، فالأولى أن تطلب أن يُعطيك الله من رزقه ويُحسن فيه، من أن تخاف مما في الغيب مما لا تعلم.
أيخيفك أن تُصادر حريتك وتُقاد بقلبك إلى حياة لا تشبهك، أين المشكلة، أليس للمرء كل القدرة على الاختيار والتقرير عن نفسه في أي وضع أو حال يكون فيه، وله القدرة على صناعة ما يريد كونه إنسان عاقل حر بطبيعته.
أيخيفك أن تقع في الملل أو الخيانة أو عدم الكفاية، أين المشكلة، أليس كل ذلك جزءًا من تجربة الإنسان الكامل بنقصه ومحدوديته، الذي اختار أن يواجه الحياة بتقلباتها بعقل راجح ونفس لا تُذلّ؟ فإن تم استبدالك أو خيانتك، ففيك من القوة التي زرعها الله فيك، ما يمكنك من أن تمضي عزيز النفس نحو شخص وواقع أخر يستحق أن يُعاش.
أيخيفك ألا تكون مثاليًا؟ أن تُخطئ وتفشل في تحقيق ما تأمله من الزواج؟ ألا تكون أهلاً له على الحقيقة؟ ربما تفكر كم أنت كسول وغير مستعد للمسؤولية، أو لعلك تفكر في الخوف من أن تكون أباً سيئا، أو أماً مقصرة، أو ربما عدم القدرة على التأقلم مع شخص آخر، أو التكيف في ظروف مختلفة، أين المشكلة؟ ألم يخلقنا الله لكي نتعلم ونتطور ونسعى في تهذيب أنفسنا وتربية ذواتنا، حتى نكون أهلاً للتكليف الدنيوي و الغايات الأخرى.
إذن احذر من أن تموت وحيدا بلا أنيس يلثم شعث قلبك الهش، ويد تمسك بيديك المرتعشتين في أخر العمر، حين لا يبقى من حولك معين أو صديق، أو نفْس مُحسن تسعها حملك، احذر أن تنام بلا حارس أمين، يهش عنك كوابيس الليال الحالكات ويرد عن برد الأيام الثقيلات، فرب الكون ما خلق لك زوجا إلا لحكمة من عنده، ليعف نفسك، ويُسكن روحك، ويُطمئن قلبك، و يحفظ سرك ويستر عورتك، ويبني بك ويُعمر، فتكون خير خليفة له على أرضه، فلا تمت وحيداً بين الظنون، فالأولى بالمسلم أن يظن الخير في الله وفي نفسه، وكان الله عند ظن عبده به.

أ. سعد أبو طالب
‏wyq1217351@
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop