مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

من “أبو أذاني” إلى ذاكرة الهاتف

لو ضاع هاتفك واحتجت أن تتصل بأحدٍ ليساعدك، وأنت لا تحفظ رقمًا واحدًا من الأرقام، فماذا ستفعل؟
لقد جعلنا اعتمادنا الكلي على الأجهزة ننسى أبسط الأشياء، فلم نعد نحفظ رقمًا أو نصًا أو حتى معلومة صغيرة، لأننا ببساطة نثق بأن “كل شيء محفوظ”، وما علينا إلا أن ننسخ ونلصق، ثم نُقنع أنفسنا بأننا أذكياء!

في الماضي، كان الناس يحفظون كل شيء عن ظهر قلب: آياتٍ قرآنية، وأحاديث نبوية، وقصائد شعر، وحتى أرقام السيارات!
يكفي أن تمرّ سيارة أمام أحدهم، فيحفظ رقمها المكوَّن من سبعة أرقام بمجرد نظرة.

فما الذي تغيّر؟
هل هي وسائل الحفظ الإلكترونية التي أضعفت ذاكرتنا؟
أم هو تشتّت أفكارنا وضغط الحياة الحديثة؟
أم أن مستوى الذكاء فعلاً بدأ ينحسر؟

لقد كانت الذاكرة في الماضي تُدرَّب يوميًا — بالتفكير، بحل الألغاز، وباستحضار القصص والأشعار.
أما اليوم، فنحن نعيش على ذاكرة الأجهزة لا ذاكرة العقول.

أتذكر حين كنت صغيرة، استضافونا أحد البدو وكان هناك ولداً صغيراً يُدهشنا بذاكرته الخارقة، فكلما فقدوا شيئاً دلّهم عليه فورًا، بمجرد أن يراه مرة واحدة ليتذكر مكانه وصفاته ،وكانوا يلقبونه بـ(أبو أذاني) لكِبر أذنيه! وربما كان في أذنيه سرّ ذاكرته العجيبة.

كنت ألاحظ أيضًا بساطة معيشتهم، وأفكر الآن:
كيف كانوا أقل غذاءً، وأكثر ذكاءً وصفاءً؟
كانوا يأكلون الخبز والسمن والتمر والحليب والأرز باللبن، ومع ذلك يتمتعون بصحة وذاكرة قوية، دون حاجة لكل أطعمتنا التي نعتقد أنها مليئة بالفيتامينات والمكملات الغذائية ..أو ربما تكون كذلك !

التكنولوجيا غيّرت أدواتنا، لكنها لم تغيّر طبيعتنا.
وما زال مفتاح الراحة كما كان: البساطة في العيش
وفي نمط الحياة الهادئ، والنوم المبكر، تلك الأشياء كانت تشحن الذاكرة وتُولّد الذكاء البشري الحقيقي.

 

أ. هيا الدوسري
‏@HAldossri30
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop