مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

من الشهادة إلى المهارة… “معادلة النجاح”

إنَّ الحصول على الوظيفة المناسبة ليس مجرّد غايةٍ مادية، بل هو حلمٌ يراود كلَّ شابٍّ وفتاة، إذ تُعَدّ الوظيفة استقرارًا للحياة، وبناءً للمستقبل، ومصدرًا يضمن للإنسان كرامته واستقلاله. غير أنّ هذا الحلم لا يتحقّق صدفةً، بل يقوم على أساسٍ متينٍ من العلم والمعرفة، فالدراسة هي الجسر الذي يعبر عليه الطموح نحو واقعٍ مهنيٍّ مشرق.

وفي زمنٍ تتسارع فيه الفرص كما تتبدّل المهارات المطلوبة، لم يعد كافيًا أن ندرس كيفما اتّفق، بل أصبح من الضروري النظر بعينٍ فاحصة إلى احتياجات سوق العمل، لاختيار التخصّص الذي يجمع بين الميول الشخصية ومتطلّبات العصر.

لقد أثبتت التجارب أنّ المؤهّل العلميّ ما يزال حجر الأساس، لكنه ليس وحده المفتاح. فالتعليم الجامعيّ أو التقنيّ في مجالاتٍ مطلوبةٍ كالتقنية، والتمريض، والهندسة، يفتح آفاقًا واسعة أمام الشباب، غير أنّ التفوّق الحقيقيّ يتحقّق بالجمع بين الدراسة الأكاديمية والدورات التدريبية التي توسّع المدارك، وتُكسب صاحبها مرونةً فكرية ومعرفية.

ولم تعد المهارات الأكاديمية وحدها كافية، فهناك ما يُعرف بالمهارات الناعمة، كفنّ التواصل، والعمل الجماعي، وحلّ المشكلات، وهي مهارات تُثري السيرة الذاتية، وتمنح الفرد ميزةً تنافسية في بيئة العمل الحديثة. كما يُعدّ التدريب المستمرّ، والعمل التطوّعيّ، سبيلًا لاكتساب الخبرة العملية التي تُقرّب الإنسان من تحقيق أهدافه.

ومع التحوّل الرقميّ الذي يشهده العالم، تغيّرت موازين سوق العمل، فأصبحت بعض الوظائف – كالتصميم والبرمجة – لا تشترط مؤهّلًا جامعيًّا بقدر ما تتطلّب مهارةً عاليةً وإتقانًا عمليًّا. كما برزت ريادة الأعمال كخيارٍ واعدٍ يتيح للشباب إطلاق مشاريعهم الخاصة دون قيد الدراسة الرسمية، مع بقاء التعليم الأكاديميّ عاملًا مساعدًا في الإدارة والتنظيم والتخطيط.

ومن هنا، ينبغي على أبنائنا وبناتنا أن يُحسنوا اختيار تخصّصاتهم بما يوازن بين ميولهم واحتياجات السوق، وأن يُدركوا أنّ تعلّم المهارات الجانبية – كاللغات، والحاسب الآلي، وإدارة الوقت – جزءٌ لا يتجزّأ من الإعداد المهنيّ الناجح.

وأخيرًا، لا يُستهان بأهمية بناء العلاقات المهنية من خلال حضور المعارض والفعاليات والدورات، فالتواصل مع الخبراء وأصحاب القرار يفتح أبوابًا جديدة للفرص، ويجعل طريق المستقبل أكثر وضوحًا وإشراقًا.

في نهاية المطاف، يبقى النجاح الحقيقيّ ثمرةَ توازنٍ بين ما نحمله من علمٍ وما نُتقنه من مهارة. فالشهادة تُفتح بها الأبواب، لكن المهارة هي التي تُبقيها مفتوحة. إنّ من يزرع شغفه في أرض العمل، ويسقي حلمه بالجدّ والتعلّم المستمر، لا بدّ أن يحصد مكانه بين المبدعين.
فالمستقبل لا ينتظر المتردّدين، بل يُصافح أولئك الذين يؤمنون بأنّ التفوّق لا يُمنح، بل يُصنع بالإصرار والوعي والاجتهاد.

 

أ. وفاء الشهري
‏@Wafa_aljanoob
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop