مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

من يملك “الكود” يملك العالم؟

نملك المال، نعم، لكن المال وحده لا يشتري المستقبل. المستقبل اليوم يُصنع في شاشات الحاسوب، في سطور الكود، في المختبرات ومراكز البيانات، لا في الأبراج ولا في الأراضي الممتدة على مدّ النظر.

نحن نشتري العقارات، بينما العالم يشتري العقول. نُكدّس المباني، وهم يُكدّسون الأكواد والخوارزميات التي تدير كل شيء من أسواقنا إلى عقولنا.
لقد فهمت الأمم أن من يملك الكود، يملك الرأي، والمعلومة، والمستقبل.

السيطرة التقنية ليست رفاهية، إنها سيادة. السيادة على الكلمة، على البيانات، على الاتجاهات التي تشكّل وعي الشعوب. فكيف نقبل أن تكون منصّاتنا، ووسائل تواصلنا، بل وحتى ذكاؤنا الصناعي.. مستعارًا

نحن متأخرون، نفكر من حيث انتهى الآخرون، ونخطط لما تجاوزوه منذ زمن. نعيش في زمن يتقدّم بالدقيقة، ونحن نحسب التقدّم بالأمتار: مشاريع سياحية، أبراج، فعاليات..كل هذا جميل ومهم، لكنه واجهة لا تمنحنا السيطرة السيادية.

السبب واضح: لأننا لا نفكر إلا في جلب المال، ونسينا أن السيادة الحديثة تُقاس بالقدرة على الابتكار، على صناعة الكود، على بناء منصاتنا وأدواتنا الرقمية بأنفسنا. لذلك، لا بد لنا من نهضة عربية رقمية حقيقية، نبتكر فيها ونخترع ونصنع الأكواد، لا أن نكتفي باستخدام ما صممه الآخرون.

إنها دعوة للفكر الجريء، للمستقبل الذي يُبنى بالأيدي والعقول، لا بالمال وحده. فلنستثمر في البحث والتطوير، في الجامعات، في الحاضنات، في مراكز البيانات، في المنصات المحلية، ولننشئ بيئة عربية قادرة على كتابة كودها والتحكم بمستقبلها.

في الختام، نعم، نحن متأخرون رغم التطور الشكلي، لكن الفرصة لا تزال قائمة لمن يملك الجرأة والرؤية والذكاء ليصنع أدواته الخاصة، ويحوّل السيادة الرقمية من حلم إلى واقع ملموس.

 

أ. هيا الدوسري
‏@HAldossri30
عضو جمعية إعلاميون

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop