15/04/2025
ما خُلقنا عبثًا…
وما تحركنا في هذه الحياة إلا بوزنٍ، وتقدير، وحكمة.
كل ذرة في الكون تتبع قانونًا، وكلّ روح فينا تنبض وفق معادلة إلهية خفية.
قال تعالى: “وكل شيء عنده بمقدار.”
أنا لا أكتب لأُبهر، بل لأوقظ.
ولا أبحث عن إعجاب العيون، بل عن تلك الرجفة العميقة في من ظنّوا يومًا أنهم فهموا الحياة… ثم أضاعوا أنفسهم.
كل شيء حولنا يُكتب بلغة…
لكننا نسينا أن الكون نفسه يكتبنا — بدقة، بتركيب، بقَدَر.
أنا خريجة فيزياء. لكني ما جئت أحمل المسطرة والميكروميتر، بل جئت أبحث عن الإنسان داخل القوانين، عن الشعور وسط الأرقام، عن المعنى خلف المسافة.
فالجاذبية، كما قال نيوتن، تجذب الأجسام.
لكن الحياة أثبتت أن القلوب تجذب… وتنفلت… دون أن نراها.
أنّ بين قلبين قد تقوم مجرة أو ينهار كون.
وفي ميكانيكا الكم، الإلكترون في مكانين في آن واحد.
وهكذا نحن، نعيش نصفنا في الضوء، ونصفنا في العتمة.
نضحك في اجتماعات العمل… ونبكي آخر الليل على وسادة لا ترى.
أما قانون حفظ الطاقة، فيخبرنا أن لا شيء يضيع… بل يتحول.
فهل رأيت يومًا كيف يصبح الوجع نضجًا؟
كيف يُصبح الفقدُ يقظة؟
وكيف أن جرحًا عميقًا بالأمس، قد يكون اليوم سرّ حكمتك وسلامك؟
والنيوترون… ذلك الذي بلا شحنة، لكنه يمنع الذرّة من الانفجار.
هكذا بعض الناس. لا يُذكرون في الصور، ولا يظهرون في الخطوط الأولى، لكنهم الحاجز الأخير بيننا وبين الانهيار.
أما الزمن؟
فآينشتاين يقول إنه يتباطأ قرب الكتل العظيمة.
وأنا أقول: الزمن يتباطأ أيضًا عند خسارة من نحب.
يتوقّف عند لحظة وداع، ويتسارع حين نحيا بلا قلب.
ثم تأتي المعادلة الخالدة:
E=mc²
أي أن الكتلة طاقة متجمّدة.
فهل نحن طاقات لم تُطلَق بعد؟
هل فينا نور ينتظر لحظة وعي؟
هل كل عمرنا مجرد “كتلة” حتى نعرف من نحن، فننطلق؟
الفيزياء لا تشرح الكون فقط…
إنها تكشف هشاشتنا، قوتنا، ارتباكنا.
تمدّ لنا مرآة بلا أقنعة، وتقول:
“كما تعمل الأشياء… تعمل أنت.”
نحن لسنا مجرد بشر.
نحن ظواهر… نسير وفق معادلة إلهية.
ننهار لنفهم، ونتوه لنعود، ونُجبر كي نكتمل.
وكل لحظة وجع… ما كانت عبثًا.
كانت مجرد طاقة… تنتظر أن تتحوّل.
نحن نمشي… بوقع حسابٍ إلهي، لا يخطئ.
“وكل شيء عنده بمقدار”.
أ. هويدا المرشود
@hofahsaid111111
عضو جمعية إعلاميون