فوق جمال الجانب العاطفي لدى الإنسان وأناقة مشاعره الحقيقية التي تأتي وصفًا لما يشعر به، يتميز بروح تلك المشاعر وجاذبيتها وصدقها وتأثيرها واستقامتها، وهذه بالذات – وأعني الاستقامة – هي من تجعل ذلك الشعور تحت سيطرة صاحبه داخل النطاق الآمن، بعيدًا عن التطرف العاطفي الذي يُحجِّم دور العقل ويُقلِّص منطقيته.
ولأن المشاعر غير محسوبة، لا تُرى ولا يُسمع لها صوت، يلزم على صاحبها ترجمتها وتحويلها إلى حرف مقروء أو صوت مسموع أو سلوك ملموس حتى تؤدي دورها كما ينبغي، فالمشاعر لا قيمة لها إن لم تتم مشاركتها مع من هو معني بها، أو من هو مهتم بقراءة تلك المشاعر أيًّا كانت. وهذا يحتاج إلى مترجم ذكي يُدرك ما يشعر به ويعرف قيمته ويستطيع استنطاقه، ثم يفسح ما يستحق النشر والإفصاح.
فليس كل شعور قابلًا لتصديره كما نشعر به، بل يحتاج إلى التهذيب والقص والرقابة الذاتية ذات المعايير الصارمة التي تكفل ألّا يغادرنا من الشعور إلا ما يعبر عن القيمة العليا والسامية منه، بعيدًا عن العاطفة المنفلتة أو الرأي المندفع، فليس كل ما نشعر به قابلًا للنشر، لاسيما في مواقع التواصل الاجتماعي.
وحتى تكون ترجمة المشاعر واعية مُتقنة، تأتي مراعاة ثقافة من ستصل إليه تلك المشاعر وقناعات الناس على رأس الاعتبارات في مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت مساحة مشاعر مترامية الأطراف. فلا تستطيح لأي شعور إنساني مهما كان، ولا غلوَّ في أي شعور أيًّا كان؛ فشعور الحزن مثلًا لا يحتمل التقليل منه ومن حجم الألم الذي يتسبب به، فمن فقد أبًا أو أمًّا أو قريبًا وعزيزًا لن يقبل منك أن تنتقص من شعوره لمجرد أنك ترى الأمر لا يستحق!
ومن يرى أن الحُب هو الشعور الأكثر تأثيرًا في شخصية الإنسان سلبًا أو إيجابًا، فعلينا أن نحترم قناعاته وإن كنا نعتقد بغيرها، وقس على بقية المشاعر بتبايناتها الدقيقة.
وبالعودة إلى فن ترجمة المشاعر في تلك المواقع، فالأمر يحتاج فكرًا أنيقًا يحرص على ألّا يكتب الشعور إلا بقلم أنيق، حبره الإحساس، وألّا تخرج حروفه عن النص، ولا تعتلي السطر أو تنقص عنه.
همسة:
هندام الشعور لا يقل أهمية عن جوهره
أ. ضيف الله الحربي
@daifallhnafa
عضو جمعية إعلاميون