نحن على أبواب الربع الأخير من عام 2025، لحظة لا تُعاد في حياة أي مهنة، وأخص الإعلام والصحافة. في هذا العام الذي كُتب عليه أن يكون منعطفًا، لم تكن الصحافة مجرد نقل للأحداث، بل ساحة معركة بين سرعة اللحظة وعمق الحقيقة، بين صخب الإثارة وصدق الرسالة.
هذه الدعوة الصامتة موجهة لكل من يرفع القلم، أو يضغط على زر النشر، لكل محرر وصحفي ورئيس تحرير في أي مؤسسة إعلامية، ولكل من يحمل في قلبه هَمَّ الثقافة والفنون، ويدرك أن الكلمة اليوم أثقل وزناً من أي وقت مضى.
هل توقفتم مؤخرًا لتسألوا: ماذا نصنع في هذا البحر الهادر؟ هل نحن جسر يُوصل الحقيقة، أم مجرد صدى يتكرر بلا روح؟ هل نكتب لنوثّق التاريخ، أم فقط لنلحق بركاب الترند؟
جمهور اليوم لم يعد متلقيًا سلبيًا، بل شريكًا في صناعة الخبر. هذا الجمهور يطالب بالدقة والمهنية، لكنه في الوقت نفسه ينجذب لإثارة اللحظة، وهذا التناقض لا يضع الصحفي فقط في موقع الحيرة، بل يجعله مسؤولًا عن التوازن بين الرسالة والسرعة.
الواقع أن منافسة الإعلام لم تعد مقتصرة على المؤسسات، بل توسعت لتشمل آلاف المنصات والأفراد الذين يملكون قدرة التأثير في دقائق. هذا التحدي يتطلب من الصحافة التقليدية أن تعيد تعريف ذاتها، وأن تنفض عنها غبار التقليدية، دون أن تفقد جوهرها وأمانتها.
في الوقت نفسه، بدأ صوت الثقافة والفنون يعود بقوة، ليس كزخرفة أو ترف، بل كجزء أصيل من المشهد العام، كنافذة نحو هوية أعمق ووعي أوسع، ودور مؤسسات الثقافة اليوم أكبر من أي وقت مضى في إعادة بناء خطاب إعلامي يلامس الروح قبل العقل.
ها نحن في 2025، أمام مفترق طرق لا يحتمل التردد. خيار الإعلام واضح: إما الانجراف خلف الضجيج السريع، أو التمسك بالمسؤولية، بالعمق، والرسالة.
لذلك، أكتب هذه الكلمات كنداء صامت، صوتٌ يخرج من قلب المهنة إلى كل من لا يزال يؤمن بقوة الكلمة، أن يتوقف قليلاً، أن يتفكر، أن يسأل نفسه: هل نكتب لنعبر عن واقع نريد تغييره، أم نكتفي فقط برصد ضجيجه؟
في اللحظة التي نودع فيها 2025، يبقى السؤال مفتوحًا، ينتظر أجوبتنا جميعًا: هل سنكتب لنصنع الفرق، أم نكتب لنلحق بالزمن؟
أ. هويدا المرشود
@hofahsaid111111
عضوٍ جمعية اعلاميون