مرحباً بكم فى جمعية اعلاميون

بين إدراك مزيف وكيان مغيّب

إن الخوف زيف الإدراك وسُؤال الوجود ،فاوهم الخوف… قيدٌ لا يُرى .
اعلم ان الخوف ليس شعورًا عابرًا…إنه كيان دخيل يتقمصك، يتغلغل فيك دون صوت، حتى يُخيّل إليك أنه أنت.
هو ليس عدوًا خارجيًا، بل استعمار داخلي ناعم،
يتسلّل من صدعٍ تركه والدٌ مرتجف، أو أمٌّ مثقلة بالقلق، أو مجتمعٌ لا يُجيد إلا لجم الطموحات بحبال الحذر.
وهو عبارةُ عن طيفًا يتشكّل في خيال العقل، يُقنِعك بأنك عاجز، ويُلبِس الأيام سوادًا لا يستحقه.
هو وهمٌ متقن الصنع، تُغذّيه تربية خائفة، أو مجتمع يعبد الحذر، أو بيئة تُروّض الطموح بحكايات الانكسار، يتسلّل بهدوء إلى كيانك…يُبهت الملامح، يُطفئ الروح، يُقيّد الإمكانات… يجعلك تعيش في نصف حياة، لا تُكمل فيها طاقتك الاجتماعية، ولا عافيتك النفسية، ولا إنجازك العملي.
الخوف لا يطرق الباب، بل يسكنك بصمت، حتى تظنه جزءًا منك. الخوف لا يسكن اللحظة، بل يحتلُّ المعنى…
يصادر كيانك الوُجوديّ،يُضعف قدرتك على التذوق، على العيش، على الإدراك.
يمنعك من أن تكون كما خُلقت: إنسانًا حُرًّا، قادرًا على الانبثاق من رمادك،كائنًا يعرف أنه ليس هشًّا كما يُروَّج له، بل عميق، عارف، حيّ، ومملوء بإمكانية الخلق.

إنه لا يمنعك من الحركة فقط، بل من أن “تكون”. من أن تُمارس إنسانك الداخلي، أن تنبض، أن تشك، أن تحب، أن تتألم، أن تفكر. هو موتٌ مؤجل…يمر عبر خيط وهمي زرعه الآخرون في عقلك، وسقيته دون أن تشعر.

لكن الحقيقة؟
أنك أقوى من ذلك بكثير.كل ما تحتاجه هو أن تُغيّر الفكرة
أن تُبدّل زاوية الرؤية،أن تُعيد تعريف ما يُخيفك.

قاوِم،قاتل ذلك الظلّ المتسلّل، لا بالسيف، بل باليقين ،تيقّن أن الله لا يخذل من توكّل عليه، وأحسن الظن به وثق بنفسك، استند على تجاربك، وتذكّر:كم مرة خُيّل إليك أن النهاية قد حانت…وتوقعت اشياء سيئة ثم دخل في ضمنية الواقع فصدمت من بساطته ولم تتوقعه ومرّت الأيام، وقمت منها أقوى من قبل؟

لكن، في لحظة من الصفاء،حين تُعيد تعريف الخوف، لا كمصدر تهديد، بل كاشف عن هشاشاتك المكبوتة حين تُدرك أنك لست ذاك الضعف، بل وعيك به،حينها فقط تبدأ رحلتك نحو التحرر.

ما يهمس به الخوف ليس حقيقة…بل الحقيقة تُولد في قلبك عندما تؤمن.وما يبدو كعاصفة اليوم، سيكون غدًا مجرّد غيمة تاهت ثم اختفت.لا تمنح ظرفك المؤقت حكمًا أبديًّا.ولا تسجن روحك في سجنٍ بابه وهميّ،اطمئن فعندما يحدث واقعاً يبدوا أرحم مما تتخيل بكثير .
وحين يُصادر إنسانك من داخلك تذكّر:كم مرة ظننت أن النهاية اقتربت؟ثم تجاوزت؟
كم مرة خانتك عيناك، فرأت الخطر فيما كان درسًا،
ورأت النهاية فيما لم يكن إلا بداية جديدة؟
الخوف يكذب.والوعي يُصحّح.
لا تُعطه أكثر من لحظته ،ولا تُلبسه ثوب الحقيقة.ما يحدث الآن، سيمضي،والكائن الذي فيك أعمق من أن تهزّه العواصف العابرة،أنت لست هذا القلق ولا هذه الظلال
أنت كيان عرف، وعاش، وسقط، ثم نهض من بين ركامه
ليرى أن الله كان هناك،في كل لحظة، وفي كل عبرة، وفي كل نَجاة.

 

أ. هناء الخويلدي
‏@Hana69330082
عضو جمعية إعلاميون

 

شارك المقالة
جميع الحقوق محفوظه جمعية اعلاميون © 2021
الأعلىtop