في الماضي… كانت الخلوةُ تشبهُ زلزالاً صغيرًا، يهزُّ كلَّ ما حوله… إلا الكرامة.
ما إن يجتمعا.. حتى يكون ذلك إعلانًا رسميًا للحياة. نظرةٌ تُشعل، وكلمةٌ تُربك، ولحظةٌ تُكفِّر عن صبرِ قرنٍ من الانتظار.
كانت المرأةُ تخافُ ظلَّ الفكرة،
فيتلعثمُ الرجلُ من وهجِ الصمت. وكانت الخلوةُ تشبهُ صلاةً سرّية، يتوضّأ فيها القلبُ بالرجفة.
أما اليوم؟ فالخلوةُ فقدت ذاك “الحرارة” التي تُربكُ العقل. صارت مشهدًا من مسلسلٍ باردٍ
لا يُعرض إلا في مقهى مزدحمٍ بالهواتف.
نجلسُ متقابلين، لكننا لا نلتقي. تضحك هي… لأن لا شيء يُضحك. ويبتسم هو… لأنه نسي كيف يتورّط بالعاطفة.
لقد شبِعت العيونُ من الفرجة، فجاعت القلوبُ من الفراغ. تخمةُ الصور قتلت الدهشة،
ووفرةُ الوجوهِ أطفأت الغواية.
الخطر؟ لم يعُد في الانفراد.. بل في هذا الحضور المزيّف. في العيون التي ترى كلَّ شيء،
ولا تشتهي شيئًا.
يا لِسخريةِ الزمان… كلُّ ما كان ممنوعًا صار مباحًا، لكنَّ المباحَ، يا صديقي، لم يعُد يُشعلُ أحدًا.
أ. محمد العتي
@otay_moahmmed
عضو جمعية إعلاميون